لجنة التسويق الفضائي بين برمجة الدوري السعودي وهروب القنوات

أحسن الاتحاد السعودي لكرة القدم، صنعاً واختياراً حين أعلن عن إنشاء مجلس أو لجنة (سمها ما شئت) تعني بالتسويق الفضائي للدوري السعودي، وأعلن كذلك عن أسماء أعضائها الذين يرأسهم خبير الاستثمار والتلفزيوني الدكتور حافظ المدلج، وهو اختيار أقول إنه موفق لأن تلك الأسماء كلها أسماء تلفزيونية لها خبرتها وباعها الطويل في المجال التلفزيوني، وهي أيضاً أسماء استثمارية لها ثقلها وفكرها في الاستثمار الرياضي.

ورغم هذا العشم الكبير في الأسماء المختارة إلا أن هذه اللجنة ستواجه تحدياً صعباً قبل أن تبدأ عملها الجبار هذا، تحدياً يكمن قبل كل شيء في طريقة برمجة الدوري وتوقيت مبارياته التي تقف عائقاً كبيراً أمام أي تسويق فضائي.

قبل فترة قرأنا حواراً خاصاً في صفحة ميديا سبورت أجراه الزميل محمد العنزي مع مدير قناة دبي الرياضية راشد أميري، أكد فيه أن قناته تريد الدوري السعودي لكنها لا تريده بأكمله بسبب برمجة مبارياته التي قد تتعارض أحياناً مع البطولات الأخرى التي تنقلها القناة.

وهنا أقول إن أميري وضع أصبعه على الجرح تماماً، وهو الأمر الذي تشتكي منه القنوات دائماً مع الدوري السعودي، فالقناة التي لديها بطولات كبرى أخرى لن تغامر في شراء دوري قد يغدر جدوله بها في منتصف الموسم دون سابق إنذار، ويضعها أمام خيارين لا ثالث لهما إما نقل مبارياته أو نقل مباريات الدوري العالمي الآخر، فتدخل هذه القناة في حيرة وإحراج كبيرين, وربما تصبح وصمة عار في تاريخها بأعين مشاهديها والسبب أولاً وأخيراً عدم دقة جدول الدوري السعودي وعدم ثباته على أيام معينة طوال الموسم كما هي البطولات العالمية الأخرى، بل حتى إن القناة التي ليس لديها إلا الدوري السعودي ستواجه مشكلة تحديد أيام برامجها وإعادتها بحكم اختلاف أيام لعب جولات الدوري واختلافها من أسبوع لآخر.

ليكن الدكتور حافظ ورفاقه على يقين، بأن القناة التي تبحث عن الدوري السعودي تريد أن تبرمج نقلها للدوري مثلما تبرمج أي بطولة عالمية أخرى، بحيث يثبت فيها هذا الدوري على يومين معروفين ومحددين يجعل القناة تسخر جل إمكانياتها لهذا الدوري وتخرج بتغطية ناجحة تجلب لها المشتركين والمعلنين وتدر أرباحاً على خزينتها.

ومنذ سنوات ليست بالواحدة ولا الاثنتين ولا حتى الثلاث والمتابعون والنقاد يطالبون بأن تكون مباريات الدوري السعودي يومي الخميس والجمعة، بحكم أنهما يوما إجازة في السعودية يجلبان الجماهير للملاعب، الأمر الذي أيضاً يزيد دخل الأندية عبر شباك التذاكر، ويزيد كذلك إثارة هذا الدوري جماهيرياً، ورغم تأكيدات مبرمجي الجدول بأن هذا هو المعمول به، إلا أن الأيام الأخرى لا تخلو من المباريات والجولات حتى أصبح الدوري في نهاية الأمر موزعاً على كل أيام الأسبوع وليس الخميس والجمعة فقط.

الأمر كذلك يسري على توقيت مباريات الدوري في وقت واحد، ما الذي يمنعنا من أن نفعل كما هو في إيطاليا وانجلترا وأسبانيا وحتى قطر والإمارات هنا في المنطقة؟ فالمباريات في هذه الدول تلعب في يوم واحد لكنها بتواقيت مختلفة، هل من الصعب أن تلعب مباراة في الدوري السعودي عصراً ومباراة مساء لتتاح للمتابع فرصة الاستمتاع بأكثر من مباراة في اليوم، بدل مهمة الاختيار الصعب حالياً لاختيار مباراة واحدة فقط لمتابعتها بدقة والتضحية بالبقية بطريقة مكره أخاك لا بطل.

أعتقد أن جملة (بعد عشاء مكة المكرمة) التي عرفناها منذ القدم، ليست دستوراً يجب أن نسير عليه فبإمكاننا أيضاً اللعب بعد عصر مكة المكرمة أو بعد مغرب مكة المكرمة أو أي توقيت آخر لا يخالف قيمنا الإسلامية والاجتماعية، فمثلاً يمكننا توزيع المباريات السبع في الجولة على يومين بحيث تلعب في اليوم الأول مباراتان عصراً (وأرجوا ألا يتحجج أحد بحرارة الجو عصراً فصغارنا ناشئين وشبابا لا يعرفون غير العصر وقتاً للعب دوريهم الرسمي حتى الآن)، ومباراتان مساء، وفي اليوم الثاني مباراتان عصراً وتبقى مباراة القمة لوحدها في مساء هذا اليوم ليصبح دورينا دوريا عالميا له هيئته الثابتة والواضحة للمتابع حتى من خارج المملكة.




" نقلا عن صحيفة الرياضية السعودية"